بقلم: هەلو حسن سعيد
في رقعة الشطرنج الجيوسياسية المتغيرة باستمرار، أصبحت التجارة واحدة من أقوى الأسلحة. إن القرار الأخير الذي اتخذته جمهورية الصين الشعبية بفرض تعرفة جمركية بنسبة 34 في المئة على جميع الواردات الأمريكية يمثل نقطة تحول في صراع اقتصادي طويل الأمد. لكن هذه الخطوة ليست عملاً استفزازيًا — بل هي دفاع ضروري ضد حملة مستمرة من الضغط والاحتواء والاستفزاز من واشنطن.
على مدى سنوات، استخدمت الولايات المتحدة قوتها الاقتصادية، ليس فقط للهيمنة على الأسواق العالمية، بل لإجبار الدول المستقلة على الخضوع لأجندتها السياسية. تم استخدام الرسوم الجمركية والعقوبات وحظر التجارة ليس كأدوات لمنافسة عادلة، بل كرافعات سياسية.
من خلال فرض هذه التعرفة بنسبة 34 في المئة، ترسل بكين رسالة مفادها أنها لن تتسامح بعد الآن مع المعاملة غير العادلة أو التنمر الاقتصادي. لقد استعد الاقتصاد الصيني — المرن والمتنوع — منذ وقت طويل لمثل هذه السيناريوهات. سياسات مثل "الدورة المزدوجة"، والاستثمارات في الاكتفاء الذاتي التكنولوجي، والشراكات من خلال مبادرة الحزام والطريق، قلّلت من اعتماد الصين على الأسواق الغربية.
الصين ليست معزولة. إنها مترابطة، مؤثرة، ومستعدة. وعلى النقيض من ذلك، تجد الولايات المتحدة نفسها الآن في موقف محفوف بالمخاطر. مع ارتفاع التضخم، وعدم الاستقرار السياسي، وتراجع الثقة العالمية، قد تنقلب سياسة واشنطن التجارية العدوانية ضدها. فالمستهلكون الأمريكيون، الذين يرزحون بالفعل تحت وطأة التكاليف المرتفعة، سيواجهون الآن أسعارًا أكثر ارتفاعًا. كما أن الشركات الأمريكية التي تعتمد على السوق الصينية — من عمالقة التكنولوجيا إلى الزراعة — ستشعر بالضرر.
على الصعيد العالمي، بدأت الدول تتساءل عن مدى موثوقية شريك اقتصادي يستخدم التجارة كسلاح. هذه ليست دعوة للمواجهة، بل تحذير: "نيران هذه الحرب التجارية ستلتهم المعتدي في النهاية." الصين ليست من بدأ هذا الصراع، لكنها ستدافع عن سيادتها ومستقبلها الاقتصادي بعزم ووضوح. الطريق إلى الأمام لا يجب أن يكون مفروشًا بالصراعات. فالصين لا تزال ملتزمة بالتجارة العادلة، والتعاون الدولي، والتنمية القائمة على المكاسب المشتركة.
ومع ذلك، فإنها لن تسمح بالتضحية بمصالحها على مذبح السياسات الداخلية الأمريكية أو الطموحات الهيمنية. في هذه المواجهة الاقتصادية، الأمر لا يتعلق فقط بالتعريفات والتجارة — بل بالقيم، والرؤية، ومستقبل القيادة العالمية. إن عصر الهيمنة الأحادية في طريقه إلى الزوال، وما سيحل محله يجب أن يُبنى على الاحترام المتبادل، لا الإكراه. سيتذكر التاريخ هذه اللحظة ليس فقط بأرقامها، بل برمزيتها. لقد وقفت قوة صاعدة بثبات، وإذا لم تسد الحكمة، فإن "النار التي أشعلها الغرور ستحرق الأيادي التي أوقدتها".
*تم نشر هذه المقالة في صحيفة الصين اليوم